شراكة تحت مظلة المعرفة لمساعدتنا على البناء بشكل أفضل

مراد وهبة، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

البرنامج الإنمائي
4 min readNov 10, 2020

يحتفل العالم بمرور 75 عامًا على إنشاء الأمم المتحدة في وقت تواجه البشرية اضطرابًا شديدًا، يتفاقم بفعل أزمة صحية عالمية لها آثار اجتماعية واقتصادية حادة، بموازاة أزمة مناخ متسارعة وتصدعات متزايدة في نسيجنا العالمي المشترك

إنه الوقت الذي يجب أن نسأل فيه أنفسنا: هل يمكننا أن نخرج أقوى؟ هل يمكننا العمل معًا بشكل أكثر فعالية؟ هل يمكننا الارتقاء إلى مستوى الحدث وأن نبني بشكل أفضل؟

ليست هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها البشرية هذه الأسئلة، والخبر السار هو أننا أظهرنا في لحظات كبيرة وصغيرة أن الإيجاب يمكن أن يكون صحيحًا. سواء كان ذلك على المستوى المحلي، أو كل يوم في جميع أنحاء العالم، أو على المستوى العالمي في لحظات محددة وخطيرة من تاريخنا المشترك

في الحالة الأخيرة، تبرز ولادة الأمم المتحدة — حيث اجتمعت الدول والشعوب في جهد أكثر كثافة من أي وقت مضى لتجاوز ويلات الحرب، ووضع حد للعوز، ورسم مسار للبشرية إلى الأمام. في حين أنه قد يبدو في بعض الأحيان أن هذه الأقوال يتم تكريمها في الانتهاك أكثر من التقيد بها، إلا أنه جهد كبير ترك علامة إيجابية كبيرة — وإن كانت غير كاملة — على الإنسانية

خلال فترة ولايتي الخاصة في الأمم المتحدة، أصبح من الواضح بشكل متزايد أنّ العالم الذي نسعى إليه يظهر بوضوح أكبر ليس فقط عندما نقوم بوظائفنا داخل المؤسسة، لكن في النهاية والأهم عندما نتحد مع الكثيرين حول العالم الذين يسعون وراء قضية مشتركة

ومن الأمثلة البارزة في هذا الصدد الشراكة بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تتجه هذه الشراكة الآن إلى عقدها الثاني وهي تستجيب لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأنّ “المستقبل لا يُنتظر بل يُصنع.” أي شخص زار دبي — أو الإمارات العربية المتحدة على نطاق أوسع — رأى دليلاً على هذا التفكير

إنّ الأدلة التي لدينا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي بالفعل أحد أكثر المشاريع المشتركة التي عرفناها مثيرة للانتباه. بدأ مشروع المعرفة قبل اثني عشر عامًا بهدف دعم دول منطقة الدول العربية للتقدم نحو مجتمعات المعرفة، ومنذ ذلك الحين توسع ليصبح منصة عالمية للتحليل والحوار حول التقدم في المعرفة والتكنولوجيا والابتكار في جميع أنحاء العالم

أدى مؤشر المعرفة العالمي وتقرير استشراف مستقبل المعرفة اللذان تمّ إطلاقهما بموجب هذه الشراكة بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالإضافة إلى الخبراء الدوليين وشركاء القطاع الخاص بما في ذلك برايس ووترهاوس كوبرز (PwC)، إلى تحقيق إنجازات مهمة حول ما نعرفه كمجتمع عالمي. لقد ساعدوا أيضًا

في إثبات أنّ المجتمعات التي تستثمر في المعرفة التجريبية هي في نهاية المطاف أقوى وأكثر تماسكًا وفي مكان أفضل للازدهار في عالم في ظل التغير المستمر والفرص الناشئة والتحديات المتزايدة والمفاجئة في كثير من الأحيان

منذ عام 2017، كان المؤشر والتقرير معًا مصدرًا رئيسيًا لإعلام صانعي السياسات بالفرص والمخاطر في مجالات متعددة من إنشاء المعرفة واستهلاكها، بما في ذلك التعليم؛ البحث والتطوير والابتكار؛ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ واقتصاد المعرفة، كما وتحويل الرؤى إلى توصيات قابلة للتنفيذ للتحرك نحو مجتمعات المعرفة. في الواقع، حذر كل من المؤشر والتقرير من نقاط الضعف التكنولوجي وعدم الاستعداد لدى العديد من الدول والعالم بأسره في حالات الطوارئ الكبرى. لقد أكد تفشي كوفيد-19 والاستجابة العالمية غير المتكافئة لانتشاره أهمية — بل وخطورة — مثل هذه الفجوات في المعرفة والاستعداد

من خلال الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإعداد هذه التقارير، أكدت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة أيضًا على رؤية شاملة ومنصفة. في حين أنه سيكون هناك دائمًا نقاش حول المزايا التنافسية للمعرفة، فمن مصلحة البشرية جمعاء في نهاية المطاف أن تُستخدم المعرفة والتكنولوجيا والابتكار من أجل تقدم الجميع. ومن هذا المنطلق، سار المشروع على مسار وسعى إلى تحقيق أثرًا انطلاقًا من المستوى المحلي والإقليمي وصولًا إلى المستوى العالمي. يعدّ هذا دور فريد لمؤسسة أن تلعبه في دعم المعرفة في جميع أنحاء العالم، ويستحق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الثناء والشكر لقيادته هذا الجهد وغيره في دعم المعرفة والتقدم العلمي على مستوى المنطقة العربية والعالم

إنّ الأزمة الحالية تلقي الضوء على أهمية المعرفة باعتبارها منفعة عامة عالمية. مثلما يواجه العالم الآن تهديدًا مشتركًا، يجتمع العالم معًا لإيجاد حل مشترك. نحن نتبادل وجهات النظر والمبادئ التوجيهية ونتعلم من بعضنا البعض حول كيفية التعامل مع تحدٍّ جديد ومشترك. هناك تقدم يلوح في الأفق وأمل للبشرية يكمن فقط في احتمال مشاركة هذا التقدم. عندما تتم المشاركة، سنعرف أن 75 عامًا من الجهود المبذولة في الأمم المتحدة كانت تستحق العناء. وسنكون مندفعين بشكل متزايد لدعم التقدم العالمي للمعرفة في شراكة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الثمينة مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة

--

--

البرنامج الإنمائي

‏‏شعوب متمكنة، أمم صامدة -الحساب الرسمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المنطقة العربية. UNDP official account in the Arab States